بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، أما بعد:
فقد انتشرت أنواع من البيوع والتعاقدات منها ما يسمى (التسويق الشبكي) مثل شركة DXN وشركات أخرى، كلها تعمل بهذا النظام، وهو نظام مستحدث لم يذكر في الكتب القديمة لذلك اختلف العلماء المعاصرون بين مجيز ومانع..نتعرف أولاً ما هو التسويق الشبكي؟ وما هي المشكلات التي جعلت الموضوع خلافيا؟.
التسويق الشبكي
خلاصته فقهيا لا تجاريا أن البائع (الشركة هنا هي البائع) يعرض للناس عرضا: أنه كل من يشتري من هذه الشركة بضاعة يسجل في عضوية، وهذه العضوية فيها حق التسويق، بمعنى يعطونه عمولة على التسويق، فإذا استطاع أن يقنع شخصا آخر بأن يشتري فله عمولة أيضا والشخص الآخر كذلك له عمولة ولمن جاء به أيضا تكون له عمولة، فبعض الشركات يعطون العمولة لثلاثة أجيال (يعني الشخص الذي أتى بالزبون يأخذ عمولة، وزبون الزبون، وزبون زبون الزبون) وبعضهم يستمر الى خمسة أجيال.
الشركات في السابق كانت لا تضع حداً معينا، يعني هرم مستمر على طول، لذلك لم تستطع أن تفي بالتزاماتها، لذلك وضعوا لها حداً في الغالب الى خمسة أجيال، هذا هو التسويق الشبكي.
هم يقولون هذا بديل عن الوكيل الموزع، وبائع الجملة، يعني تختصر هذه المراحل، وكذلك يسميه بعضهم بالبيع المباشر.
وعليه لماذا التسويق الشبكي فيه خلاف؟ أو لماذا هو حرام عند من حرمه؟.
التسويق الشبكي في كثير من الأحيان يضع بضاعة لا تستخدم، أو لا تطلب لذاتها، أي الناس عادة لا تشتريها، لكن ما الذي يجعلهم يشترون هذه البضاعة؟ من أجل الحصول على عمولة.
مثلاً: اشتريت ساعة بـ(1000 $) وأخذت عضوية بها، ثم تقنع آخرين بأن يشتروا الساعة مثلاً، بأن نقول لهم إذا اشتريت الساعة ستصبح وكيلاً في الشركة، أو شريكا في النجاح، أو شريكا في الأرباح، فكلما تقنع آخرين سيكون لك. فلذلك ناس تقنع ناس فيصبح سلسلة من الاقناعات من أجل العمولة (الشراء من أجل العمولة).
المشكلة في هذه الطريقة أنه ستشجع الناس على الشراء من غير حاجة، بل من أجل التسويق، من أجل الربح، فإذا قال قائل: أليس التاجر كذلك يشتري البضاعة من أجل الربح لا الاستخدام؟.
وقلنا:
المشكلة أن التسويق الشبكي في النهاية يصل الى طريق مسدود، لأنه يحصل نوع من الاشباع في المجتمع. النمو الهرمي أو النمو الأسي – يعني الواحد يأتي باثنين، الاثنين يأتي بأربع …. وهكذا – هذا النمو الأسي دائما يكون في النهاية يملأ المجتمع ثم فيما بعد الذين يأتون من الأجيال والطبقات المتأخرة لا يجدون أحداً يقبل بهذا التسويق لأنه كل من اقتنع بأن يشترك اشترك فيجد الطريق مسدوداً، وتبقى السلعة التي اشتراها بمبالغ باهظة على قلبه. والرابح الأخير هو الشركة والمتقدمون الأوائل الذين سابقوا أو بادروا بالاشتراك. أما المتأخرون فلن يجدوا من يقبل منهم التسويق. هذه المشكلة الأساسية التي تذكر في التسويق الشبكي فيكون فيها ضرر للمجتمع، وفيها تغرير للآخرين بأنهم سيربحون أرباحا هائلة، لكنه في واقع الحال ليست كذلك..
ماذا لو كانت البضاعة عملية واقعية؟ يعني بضاعة يحتاجها الناس ويشترونها ويستفيدون منها سواء كان فيها عمولة وتسويق أو لا؟ وماذا لو كانت هذه البضاعة بسعرها المعقول!؟.
فالأمر هنا يختلف……
التسويق الشبكي صورته حلال، صورته جُعالة (يعني مكافئة من الشركة لأنك تأتي بزبائن لهم) وهذا شيء مألوف ولا خلاف فيه. لكن الخلل الذي يكمن بالتسويق الشبكي أنه: لا عمولة لك إلا أن تشتري أنت أولاً، الآخر الذي تقنعه كذلك لا عمولة له حتى يشتري، فيكون فيه تشجيع على الشراء من غير حاجة ومن غير انتفاع بالشيء الذي تشتريه، وغالباً تكون اسعار هذه السلع باهظة ولو عرضت بدون إغراءات العمولة لما اشتراها أحد بهذا السعر .
هذا هو وجه الاضرار بالمجتمع والتغرير بالناس في التسويق الشبكي .
بعض شركات التسويق الشبكي تداركت هذه المشكلة، قالوا: التسويق الشبكي فيه مزايا وفيه فوائد: منها تقليل الوسطاء، ويسمح للناس وللزبائن والمستهلكين أن يكونوا مشاركين في الأرباح، أنت تشتري البضاعة دون أن تشارك في أرباحها، تدل الناس على المحل الذي اشتريت منه دون أن تشارك لكن في التسويق الشبكي تشارك في الأرباح.
كيف نتخلص من أضرار التسويق الشبكي ونحصل على مزاياه؟ هذا الذي انتهجته بعض الشركات.
وهي أن تكون البضاعة حقيقية بمعنى مما يستخدمه الناس عادة ويشترونه وينتفعون به سواء كان فيه عمولة وعضوية أو لا. والشرط الآخر: أن يكون سعرها معقولاً لا يضاف شيء على السعر المعتاد من أجل العمولة.
بهذين الشرطين يكون التسويق الشبكي قد خلا من الاضرار والاشكالات التي نشأت مع نشوء التسويق الشبكي.
شركة DXN بعد أن تتبعناها ودرسناها – وبالمناسبة أعرف منتجاتها قبل أن أعرف الشركة – حيث كنت ابحث في بعض الموضوعات ومنها (انواع من الفطر الغذائي والفطر الطبي الدوائي والطحالب الغذائية والبدائل) وكثير من الامور غير التقليدية وغير الاعتيادية، الحقيقة تتبعت ايضا أسعار هذه البضائع في غير الشركة، فوجدتها متقاربة، ويمكن الانتفاع بها ولو من غير التسويق.
فلذلك الشخص عندما لا يجد من يشترك معه في الحصول على العمولة لا يكون قد خسر أمواله، لأنه في مقابل هذه الاموال قد حصل على شيء وهي البضاعة النافعة كما يشتري سائر الناس.
التسويق الشبكي اختلف فيه العلماء:
ممن اجازه (الشيخ الحسن بن الددو – حفظه الله -) ومن العلماء العراقيين (الشيخ عبد الكريم الدبان – رحمه الله -).
وممن حرمه كثير من العلماء وثلاثة من المجامع الفقهية حرمت التعامل بالتسويق الشبكي.
أما الرأي عند الفقير الى الله
أنه يجب أن نفرق بين أن تكون البضاعة نافعة بذاتها يعني عدا التسويق حتى لا يكون التسويق من أجل التسويق. وتكون اسعارها معقولة حسب السعر السائد بالسوق، لا تضاف إليها اضافات من أجل التسويق حتى ننجو من أضرار التسويق
الاسباب المقنعة لتحريم التسويق الشبكي هو المآلات التي تؤدي إليها، والمآلات الاقتصادية معتبرة شرعا، حيث أن هناك الكثير من المعاملات التي هي حسب القواعد الشرعية العامة مشروعة لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها (منها: بيع الحاضر للباد، وتلقي الركبان، والتجش. أن يزيد في السلعة وهو لا يريد شرائها، وكذلك بيع العينة الذي هو ظاهره بيع لكنه يؤدي الى الاحتيال على الربا.. وتحو ذلك).
فمن قلد من يقول بالجواز فلا بأس عليه، ومن قلد من يقول بالتحريم فهو الأحوط والأروع ولكن الذي أختاره للفتوى أنه يفرق بين حالة وحالة أخرى.
كما قلنا: أن تكون البضاعة نافعة بذاتها من غير العمولة، وأن يكون أسعارها معقولة لا يضاف على سعرها شيء من أجل العمولة.
وهناك أسباب أخرى ذكرها من حرمها وهي مردو ومستغربة!!! منها:
قول بعض الباحثين أن التسويق الشبكي باب من أبواب الربا لأنك تعطي المال لأجل الحصول على مال أكثر!!!
وهذا غير صحيح لأن المال الذي أعطيه ليس في مقابلة مال وإنما مقابلة سلعة، أما المال الذي أحصل عليه فليس مقابلة شراء السلعة وإنما في مقابلة الإتيان بزبون فهي مكافئة أو جعالة وهي كما قلنا جائزة بلا خلاف، يعني عمولة السمسار جائزة بلا خلاف، لذلك لا يجوز لنا أن نجعل السلعة كأنها عدم، ونقول: أنت دفعت مالاً حتى تحصل على مال أكثر، وهذا غير صحيح لأنه ربما لا يحصل على مال إذا لم يأت بزبائن ولم ينجح في التسويق.
لماذا إذاً هؤلاء الباحثون والعلماء أهملوا وجود السلعة، وقالوا: هذا ربا (أي تعطي١٠٠٠$ وتحصل على٢٠٠٠$) لماذا أهملوه ألم يروها؟.
السبب الذي يجعلهم يكيفون المسألة هذا التكييف الذي أعتقد أنه خاطئ هو أنهم قالوا: أن السلعة وهمية. كساعة تبيعها بـ ١٠٠٠$ ولكن في السوق قد يكون سعرها ١٠٠$ أي يشترونه من أجل التسويق فقط.
أما إذا منعناه على أنه تغرير بالناس وخداع من هذا الباب، نعم هناك مشكلة في هذا الموضوع.
لذلك القول بأن التسويق الشبكي فيه ربا غير صحيح، نعم فيه مشاكل لكن ليس من الربا. فالمال الذي أدفعه يكون مقابل سلعة، والمال الذي أخذه يكون مقابل الإتيان بزبون، فلو اشتريت السلعة ولم انجح في جلب زبون، لا أحصل على أرباح. لذلك تكييفه على أنه ربا غير صحيح.
والقول الآخر المردود والباطل أيضا، هو قولهم بوجود الغرر!! لأن اعطائك الـ100$ على أمل الأرباح ولا تعلم هل ستحصل الأرباح أم لا!؟.
نعم الغرر موجود عندما تكون السلعة وهمية وأسعارها غير معقولة وغير طبيعية، نعم يحصل هذا الغرر بالناس، لكن عندما تكون السلعة نافعة بذاتها سواء نجحت في الإتيان بزبون أو لم تنجح فأنت اشتريت سلعة حقيقية بسعر حقيقي وهذا من البيع الذي قال الله تعالى عنه: «وأحل الله البيع وحرم الربوا». سورة البقرة، آية 275.
الوجه الآخر للمنع وهو صحيح أنهم قالوا: الاعتبار بالمآلات حيث أنها تؤدي الى أضرار اقتصادية وتغرير بالناس. وهذا ليس على اطلاقه، فلذلك اخترت وذهبت الى القول بأن كل شركة تبحث على حدة، يعني لا نعمم بتحريم التسويق الشبكي ولا بجوازه.
الخلاصة:
مناط الجواز هو أن السلعة ينتفع بها بذاتها حتى ولو لم تكن عمولة ولا مكافئات تسويق، وأن تكون بسعرها المعتاد والمتعارف عليه بلا زيادة.
والله تعالى أعلى وأعلم.
إرسال تعليق